شرح مستفيض لعهود البوديساتفا من الأول إلى الثالث

الأول، وهو فعل سلبي نرغب في تجنبه ونَعِد بالامتناع عنه، هو مدح أنفسنا و/أو التقليل من شأن الآخرين. هنا الشخص الذي نتحدث إليه بمثل تلك الكلمات يجب أن يكون شخص في مكانة أقل منَّا. ودافعنا من ناحية، هو الرغبة والطمع في تلقي أرباح مادية، مديح، حب، احترام، وما إلى ذلك من هذا الشخص، ومن الناحية الأخرى، الغيرة من الشخص الذي نُقلل من شأنه. وما نقوله، في سياق مديح أنفسنا والتقليل من شأن الشخص الآخر، من الممكن أن يكون صحيحًا أو خاطئًا، غير مهم. 

لذا، بالأساس، نحن نحاول الحصول على شيء ما من هذا الشخص الذي في مكانة أقل منَّا، ونحاول الحصول عليها من هذا الشخص الآخر، سواءً كان احترام أو أموال أو أيًا ما يكون، من خلال قول أننا الأفضل وأن الجميع غير جيدين. على سبيل المثال، قد نكون أطباء نفسيين، متحمسين للحصول على عملاء، فنروِّج لـ: "أنا طبيب نفسي بوذي مهتم فقط بمساعدة الآخرين وجميع أطباء علم النفس غير البوذيين يسعون خلف المال". لكن في الحقيقة الدافع هو الحصول على المزيد من العملاء له أو لها. "أنا المعلم الأفضل. أنا المعلم الأسمى. الآخرون ليسوا بجودتي"، وكل ما أريده هو المزيد من التلاميذ. للأسف، نظامنا الديموقراطي بأكمله والانتخابات قائمة على هذا المبدأ الخاص بمدح أنفسنا والتقليل من شأن الخصم في الانتخابات من أجل الحصول على الأصوات والسلطة. لهذا هذا الجانب بأكمله للديموقراطية والانتخابات صعب جدًا على التبتيين ممارسته، لأن أي أحد يقول "أنا المرشح الأفضل والآخرين ليسوا جيدين. صوِّتوا لي!" بشكل تلقائي لا يثق فيه التبتيون، لأنهم بهذا ينتهكون ويخالفون عهود البوديساتفا. معظم التبتيين في غاية التواضع: "أوه أنا لست مؤهلًا حقًا، أنا حقًا لا أعرف كيفية القيام بذلك. سيكونون في غاية التواضع وبالتالي لن يُصوِّت لهم أحد. لذا فنظام التصويت الديموقراطي بأكمله صعب حقًا على التبتيين فهمه. 

لكن إذا فكرنا في سياق مسار البوديساتفا، من المهم للغاية مع هذه العهود أن تفهموا كيف -إذا فعلنا ما تعهدنا بعدم فعله- لهذا أن يُدمر قدرتنا على مساعدة الآخرين. هذا يجب عليكم فهمه. إذن كيف لهذا أن يدمر قدرتنا على مساعدة الآخرين؟ نقوم بالتحليل، نفكر في الأمر. إذا كنا سنلتقي بشخص ما قال "أنا الأفضل والجميع ليسوا جيدين!" هل حقًا سنثق فيه؟ لا أعرف. ربما العديد من الغربيين سيثقون فيه. الأنظمة الترويجية بأكملها لدينا قائمة على هذا. أليس كذلك؟ هذا هو الصابون الأفضل لغسل الملابس، وباقي أنواع الصابون ليست جيدة. اشتروا هذا المنتج!". لكن حقًا إذا حللنا بعمق أكثر، فإنهم فقط يرغبون في أموالنا. لهذا يجب أن نضع في اعتبارنا أيضًا، هل سنقوم بالترويج لأنفسنا: "أنا البوديساتفا الأفضل. أنا الأفضل لمساعدتكم. سأحل جميع مشاكلكم. تعالوا إليّ. ولا أحد آخر بجودتي". حتى وإن كان هذا صحيحًا، فهذا مؤشر على دافع في غاية المادية. أعني إذا كان قائمًا على ذلك -أنا فقط أرغب في المزيد من التلاميذ. علينا الحذر من هذا الأمر. 

ماذا عن قول أن البوذية هي الأفضل، والباقي بأكمله غير جيد، باقي المسارات الروحانية الأخرى غير جيدة؟ إذا تصرفنا بهذه الطريقة، فهل هذا يكسر هذا العهد؟ ما رأيكم؟ 

الأمر عائد إلى دافعنا. 

هذا حقيقي تمامًا، لكن ما قد يكون الدافع الملائم للقيام بذلك؟ 

نفع الآخرين. 

حسنًا، هل سيكون هذا غُفلًا؟ هل المسار البوذي هو الأفضل للجميع؟ إذا نظرنا إلى ما يقوله قداسة الدالاي لاما عن الأديان الأخرى، ما يقوله هو أن كل ما نستطيع قوله -هذا عند الاستجابة إلى النظرية الكاملة لوجود حقيقة واحدة -ديانة حقيقية واحدة- كل ما يستطيع قوله هو أن البوذية هي الأفضل لي، لا يمكنني القول إنها الأفضل لكم. كل تقليد يتحدث عن أهدافه الروحانية الخاصة. والمسيحية لا تقول إنكم إذا اتبعتم المسار المسيحي فستبلغون الاستنارة البوذية، لكنها تقول إنكم ستبلغون الهدف المسيحي، ولذا فلا يوجد سبب للاعتراض على ذلك. ولوضع الأمر في لغة بسيطة، إذا كنتم تأملون بلوغ عوالم الهناء البوذية، فستذهبون إلى عوالم الهناء البوذية، إذا كنتم تُصلون للذهاب إلى الجنة المسيحية، فستذهبون إلى الجنة المسيحية. لتوضيح الأمر أكثر، لن تتمنوا الذهاب إلى عوالم الهناء البوذية وتجدون أنفسكم في الجنة المسيحية. وهكذا قد تكون المسارات الروحانية ملائمة للآخرين في هذا الوقت تحديدًا. لذا فقداسته دائمًا يحترم بشدة التقاليد الروحانية، والشيء الوحيد الذي يقوله عن التقليد البوذي أنه بالتأكيد هو الأفضل للوصول إلى الأهداف البوذية -التحرر والاستنارة، بالطريقة المحددة في البوذية. 

هذا هو الأول. تجنب مدح أنفسنا والتقليل من شأن الآخرين عندما يكون دافعنا هو الرغبة والجشع من ناحية، والغيرة من ناحية أخرى. بالطبع من الصعب تطبيق ذلك إذا رغبنا في القيام بأعمال. كيف نقوم بالترويج؟ واعتقد أننا إذا استخدمنا الدعاية السلبية لقول كم أن المنتجات الأخرى سيئة، فهذا بالتأكيد لا يتوافق مع العهد. وإذا كنَّا نمدح أنفسنا -كم أن منتجنا رائع، وهو أفضل من أي شيء آخر- هذا أيضًا قد لا يتوافق مع العهد. إذن كيف نقوم بالدعاية؟ لأننا عندما نُروِّج لشيء ما، فما هو دافعنا؟ الحصول على الكثير من الأرباح، أم لتوفير منتج للآخرين لأنه سينفعهم ويساعدهم؟ إذن فما قاله أحدكم، أن الأمر حقًا يعود إلى الدافع إنه أمر مهم للغاية، هل اتضح الأمر؟ 

الكثير من رجال الأعمال لديهم مشاكل مع هذه العهود. كيف أقوم بالعمل على أساس الأخلاق البوذية؟ إنه ليس سؤالًا سهلًا -إذا كان هدفنا الوحيد هو التربُّح؟ اعتقد أن أحد الأمثلة الجيدة على ذلك هو النظام الطبي الأمريكي، حيث تم توجيه النظام الصحي الأمريكي بأكمله في العقود الأخيرة نحو المرافق الصحية من أجل التربُّح. المستشفيات مملوكة من قِبَل مجموعات تمتلك أسهمًا في المستشفيات، والفكرة بأكملها هي إعطاء المزيد والمزيد من الأرباح للمساهمين. ولذا فهم يريدون جني أكبر قدر من المال من المرضى، وسيبقون عليهم أقل وقت ممكن في المستشفى، حتى يستقبلوا المزيد من المرضى - لا يريدون أن يأخذ أحدهم سريرًا وفقط. ويبدو أن التوجه العام هو الابتعاد عن إعطاء العلاج المناسب الحقيقي للمرضى، ولذلك نجد أن جودة الدواء غالبًا ما تتدهور. وبالتالي، إذا كان دافعنا لمساعدة الآخرين هو الربح فقط، فيبدو أن جودة هذه المساعدة تنخفض دائمًا. وهذا هو السبب في أنه من المهم للغاية عندما نتبع مسار البوديساتفا، فإننا لا نفعل ذلك من أجل الحصول على شيء لأنفسنا، خاصة إذا كنا نريد أن نكتسبه لأنفسنا على حساب متدربين آخرين -كما تعلمون، مدرسون آخرون وهكذا.

العهد الثاني للبوديساتفا، هذا الفعل السلبي الذي نتعهد بتجنبه، هو عدم مشاركة تعاليم الدارما أو الثروة. وهنا الدافع يكون التعلق والبخل. فقد نكون متملكين نحو ملاحظات الدارما الخاصة بنا، أو الحاسوب الخاص بنا، أو ملفات الحاسوب، ولا نرغب في مشاركتها مع الآخرين، ونقدم جميع أنواع الأعذار حول ذلك. "إذا قمت بإعارة كتابي لك، فسوف تسكب القهوة عليه، لذلك لا أريد إعارته لك". يمكننا بالتأكيد أن نكون متملكين ولا نشارك الأموال مع الآخرين. مثل إخبار الناس، "لا يمكنك حضور دورة الدارما هذه لأنك لا تملك المال لدفع ثمنها". ولذا فإننا إلى حد ما نحتفظ بتعاليم الدارما لأنفسنا؛ نحن لا نشارك الآخرين في الإمكانية المالية لحضور الدورة.

يمكننا أيضًا أن نكون مرتبطين جدًا بوقتنا ولا نشاركه مع الآخرين لمساعدتهم. على سبيل المثال، هناك بعض الأشخاص المرتبطين جدًا بعطلات نهاية الأسبوع: "هذا يوم إجازتي. لا تطلب مني مساعدتك". وهذا شيء نجده كثيرًا. لديَّ هذا الموقع، مشروع الموقع، وأحيانًا تظهر أشياء مختلفة تحتاج إلى الاهتمام بها من حيث المتطوعين والعاملين في الموقع. وأحيانًا يقول الأشخاص "حسنًا، لا تطلب مني أن أفعل أي شيء في عطلة نهاية الأسبوع: هذا هو وقتي المقدس". هذا ليس سلوك البوديساتفا حقًا، أليس كذلك؟ إذا احتاج شخص ما إلى مساعدتنا -ونحن لا نتحدث عن شخص ما يستغل وقت الشخص الآخر باستمرار- ولكن إذا كان شخص ما يحتاج حقًا إلى مساعدتنا، فسواءً كان ذلك في النهار أو الليل أو عطلة نهاية الأسبوع أو أي وقت آخر، فإننا نساعد الشخص. كما لو كان طفلنا يبكي أو سقط من فوق السرير، لا نقول "حسنًا، سأحملك في الصباح، آسف، لأنه حان وقت نومي الآن". وإذا كنا نساعد الشخص الآخر فعليًا، فلا يجب أن نفعل ذلك لنشتكي طوال الوقت. من وجهة نظر سلوك بوديساتفا، يجب أن نكون سعداء جدًا عندما يريد الآخرون منا المساعدة ويطلبون أن نساعدهم. هذا ما نتدرب لنكون قادرين على القيام به، هو مساعدة الجميع طوال الوقت بصفتنا بوذا. لذا، إذا رغب شخص ما أن نساعده، فهذا رائع. لذلك إذا رغب شخص ما في تعلُّم شيء منا، أو مشاركة ملاحظات الدارما الخاصة بنا، أو أي شيء آخر، فسيسعدنا جدًا أن نتمكن من مشاركة ذلك معهم، إذا كانوا صادقين، بالطبع، وإذا كانت هذه التعاليم مناسبة لهم. في بعض الأحيان قد يكون الأشخاص غُرباء بعض الشيء في دوافعهم لما يطلبونه.

في إحدى المرات كنت أترجم للرينبوتشي سيركونغ، معلمي (كان ذلك في أيام اللهيبي)، أحد الهيبيين شديدي الثمالة جاء لرؤية الرينبوتشي سيركونغ وقال "أوه، أرغب في تعلُّم اليوغات الستة لناروبا. من فضلك علمني اليوغات الستة". وأخذه المعلم على محمل الجِد تمامًا وقال "جيد جدًا، أنك ترغب في تعلُم هذا، إنه طموح رائع. لكن من أجل أن تتعلم ذلك عليك تعلم والتدرُّب على هذا وذاك، وخوض العملية بأكملها وأن تعمل على نفسك". إذن فهو لم يكن بخيلاً بتعاليم الدارما، في سياق عدم تعليم هذا الرجل اليوغات الستة لناروبا. بالطبع لم يكن الرجل مستعد لها. لكنه أرشده إلى الطريق الذي في النهاية سيقوده لتعاليم الدارما، حيث كانت هذه هي الطريقة الملائمة للتعامل معه. 

تتذكرون المبدأ العام الذي أشرت إليه سابقًا: البوديساتفا من المستويات الأدنى من التحققات لا يجب أن يقوموا بتدريبات البوديساتفا الأكثر تطورًا عندما يكونون غير قادرين على ذلك. لذلك إذا طلب شخص ما مساعدتنا ولم نكن قادرين على تقديمها، فعلينا ألا نتظاهر بأننا قادرون على فعل أكثر مما نستطيع فعله. علينا أن نقول "أتمنى أن أفعل ذلك لكنني حقًا لست مؤهلاً". إذا قلتم ذلك لشخص تبتي، سيشعر التبتي أنكم مجرد أشخاص متواضعين، وفي الحقيقة أنتم مؤهلين وأنتم تقولون فقط "أوه، لا، لا، لا، أنا لست مؤهلاً. لا استطيع أن أفعل ذلك"، ولذا سيصرون. ولكن بعد ذلك، عليكم حقًا أن تُصروا "لا، أنا لست متواضعًا فقط، لكنني حقًا لست مؤهلاً للقيام بذلك".

دعوني أعطيكم مثالًا. في إحدى مؤسسات الدارما في إيطاليا، مؤسسة اللاما تسونغكابا، لديهم ما يُطلق عليه برنامج ماجيستير لدراسة الموضوعات الخاصة بالتدريبات الرهبانية. هذا البرنامج للرهبان وللأشخاص العاديين. هو برنامج لمدة ست سنوات. لديهم غيشي يُدرِّس الموضوع الأول من البرنامج، ولكن عندما أتى الوقت الذي سيبدأ فيه الموضوع الثاني، والذي كان عن المادياميكا، قال "أنا غير مؤهل لتعليم ذلك". وبالطبع أصر الجميع أن عليه تقديمه على أي حال، وأنه فقط كان متواضعًا، لكنه قال "لا، أنا فعليًا غير مؤهل". وتأكدوا من زملائه وأساتذته، وحقًا لم يكن مؤهلًا، لم يكن قويًا في هذا الموضوع، برغم أنه كان غيشي. لكنه عرض أن يبقى وأن يساعد غيشي مؤهل إذا عثروا على غيشي مؤهل ليأتي ويُدرِّس. وجدت المؤسسة غيشي آخر أتى ووافق على تدريس الموضوع. والأول الذي قال "أنا غير مؤهل"، بَقي لتقديم المساعدة. هذا الغيشي الأول لم ينكث بعهد البوديساتفا بعدم مشاركته تعاليم الدارما، في الحقيقة فقط كان يتبع التدريب الخاص بحالة تعهد طموح البوديتشيتا، بعدم ادعاء امتلاكه لخصال لا يمتلكها. 

إذن إذا طلب منكم أحد ما شرح بعض تعاليم الدارما أو مشاركة ملاحظاتكم، بإمكانكم القول "حسنًا، بإمكانكم أخذ ملاحظاتي، لكنها ليست جيدة جدًا" أو "إنها غير واضحة"، أو "فهمي ليس جيدًا". كونوا صادقين بهذا الشأن. وإذا لم نفهم التعاليم نقول "أنا لم أفهمها. ليس بإمكاني شرحها لكم". هذا الأمر بأكمله الخاص بعدم مشاركة وقتنا...إلخ، بهذا الشأن، أيضًا، يجب أن نستخدم وعينا التمييزي. جزء من تدريب البوديساتفا هو معرفة متى نحتاج إلى أخذ قسطًا من الراحة حتى تكون لدينا القوة الكافية لنتمكن من الاستمرار في مساعدة الآخرين. في مثل هذه الحالة "أنا أوَد مساعدتك لكنني حقًا مرهق للغاية. أنا بحاجة لأخذ قسط من الراحة. أنا فعليًا لا استطيع تقديم المساعدة". 

ما هو صعب أيضًا عندما يطلب العديد من الأشخاص مساعدتنا في الوقت ذاته، ونحن لا نستطيع مضاعفة عددنا لألف هيئة مختلفة لكي نتمكن من مساعدة الجميع في الوقت ذاته. فنحن لسنا بوذا بالفعل. لا نستطيع مساعدة الجميع مرة واحدة في الوقت نفسه. إذن في مثل تلك الحالات، علينا، للأسف، الاختيار. كيف نختار، وكيف نحدد أولوياتنا؟ حسنًا، أعطى قداسته الدالاي لاما بعض الإرشادات بهذا الشأن حيث قال "عليكم أن تروا، أنكم الأكثر تأهيلًا لتقديم المساعدة وليس هناك العديدون الذين يقومون بالشيء نفسه، وركزوا بشكل أساسي على ذلك. وبالنسبة للأشياء التي بإمكان آخرين القيام بها مثلكم، أوصوا بهم. ركزوا على الأشياء التي تكونوا متفردين في القيام بها "سآخذ مثالاً خاصًا بي. إذا أتى شخص ما إلي وقال "أود أن أتعلم التبتية. من فضلك علمني اللغة التبتية". حسنًا، هناك العديدون الذين بإمكانهم تعليم التبتية وهناك العديد من الأشياء الأخرى التي بإمكاني تعليمها لا يستطيع العديدون تعليمها. ولذا في هذا النوع من المواقف أقول "حسنًا، هناك أولئك الأشخاص..." وأوصي بمعلمين آخرين ليذهبوا إليهم لتعلُّم التبتية، خاصة في المستويات الأولى للغة التبتية. 

مبدأ آخر في سياق كيفية تحديد الأولويات، قد يكون إذا كان لدينا علاقة خاصة جدًا جدًا بشخص آخر ويتقبلنا بشكل كبير جدًا. دعوني أعطيكم مثالاً جيدًا جدًا. كان لقداسة الدالاي لاما معلمين. ولدينا إعادة ميلاد المعلم الكبير، الرينبوتشي لينغ، وإعادة ميلاد لمَن يُطلق عليه مساعد معلم، معلمي، الرينبوتشي سيركونغ. هذا اللقب الخاص بالرينبوتشي سيركونغ ليس في الحقيقة "مساعد معلم" وإنما "شريك المناظرة الأساسي"، لكن ليس هناك حاجة للدخول في كل هذه التفاصيل. كان معلم قداسته. وكان قد وُلدا بفارق عام عن بعضهما البعض، لذا فكانوا قريبين جدًا في السن. وكأطفال، اعتقد أنهما كانا ثلاثة أعوام وأربعة أعوام، أعطاهما قداسته الدرس الأول في قراءة الحروف الأبجدية التبتية. بالتأكيد لم يستمر قداسته ويُصبح معلم الحروف الأبجدية الخاص بهما ويعلمهما القراءة. لكن في سياق العلاقة الوثيقة جدًا التي كانت تربطه بمعلميه، إنه عندما تم العثور على إعادة ميلادهما كان هو أول مَن أعطاهما درسهما الأول.  

 صديقي، آلان ترنر، له علاقة وثيقة بالرينبوتشي سيركونغ. آلان لم يتعلم أبدًا اللغة التبتية، لكن الرينبوتشي سيركونغ أعطاه درسه الأول لزرع بذور اللغة التبتية. بالطبع لم يفعل ذلك مع أشخاص آخرين. قداسته لم يُعط دروسًا في اللغة التبتية لأشخاص آخرين ما عدا معلميه الذي لديه معهما علاقة وثيقة. إذن نحدد أولوياتنا بهذا الشكل. ما هو الاحتياج الخاص؟ -إذا علمت هذا الشخص- ما مقدار الفائدة التي سيستطيع إعطاءها للآخرين؟ فيما يتعلق بكيفية قضاءنا لوقتنا، هل لدينا حقًا رباطًا قويًا؟ هل هذا الشخص حقًا يتقبلني؟ أو بشكل أكثر عمومًا، ما هو أكثر شيء أنا مؤهل لفعله ولا يوجد الكثير من الأشخاص الآخرين الذين يقومون به؟ وفيما يتعلق بالطلبات الأخرى لوقتنا، يمكننا أن نحاول القيام ببعض الأمور وتقديم الاقتراحات. نحن لا نغضب فقط ونقول، كما تعلمون "دعني وشأني. ابتعد". هذا ضد سلوك البوديساتفا.

والشيء المثير للاهتمام للغاية، لقد طرحت هذا السؤال على تولكو رينغو -إنه معلم كاغيو رائع جدًا- وقال أن هناك أيضًا عامل آخر يمكننا وضعه في اعتبارنا، مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أننا ما زلنا كائنات في السامسارا، فنحن لسنا بوذات، في سياق كيف نعطي الأولوية لوقتنا، وهو أيضًا ما الذي نستمتع بالقيام به. القليل من هذا الدافع الأناني لا بأس به حقًا لأنه يساعد على منحنا المزيد من القوة والحماس. وهذا جيد طالما أن هذا ليس اهتمامنا الرئيسي.

إذن هناك مجموعة من العوامل التي بإمكاننا وضعها في اعتبارنا في سياق كيفية قضائنا لوقتنا في مساعدة الآخرين، القيام بأشياء لنفع الآخرين. 

بعد ذلك علينا الأخذ في الاعتبار: هل أنا قادر على الحفاظ على ذلك؟ هل أنا قادر على القيام بذلك؟ إذا كنا سنأخذ عهود البوديساتفا، هل أنا قادر على ذلك؟ بالتفكير في، هل استطيع الحفاظ عليها أم لا؟ حسنًا، إذن فنحن نرغب في تجنب مدح أنفسنا والتقليل من شأن الآخرين لأننا متعلقين وجشعين للمكسب ونشعر بالغيرة من الآخرين. ويجب أن نتجنب عدم مشاركة تعاليم الدارما، أو ثروتنا، أو ممتلكاتنا أو وقتنا، أو أيًا ما يكون، بسبب التعلق والبخل. 

إذا لم نشارك تعاليم الدارما لدوافع أخرى، مثل الكسل، أو الغضب "أنا لا أحبك لذا فلن أساعدك أو أشارك أي شيء معك"، هذا أحد العهود الثانوية للبوديساتفا، تجنب ذلك. إنه ليس عهد جذري. السؤال هنا لماذا؟ لماذا أحدهم عهد جذري والآخر عهد ثانوي؟ حسنًا، لأننا كبوديساتفات نحتاج لأن نكون مستعدين لمنح الجميع، ليس فقط الاحتفاظ بالأشياء لأنفسنا. لذا عندما يكون لدينا تعلق ونكون بخلاء، والذي يعني أننا لا نرغب في المشاركة، هذا حقًا مضاد لكامل هدف البوديساتفا. أما أن نكون مجرد كسالى، حسنًا، هذا إطار ذهني مختلف تمامًا، أليس كذلك؟ "أنا أحب أن أساعد ولكنني كسول للغاية للقيام بذلك". 

العهد الثالث للبوديساتفا، ما نرغب في تجنبه هو عدم الاستماع لاعتذار الآخرين أو مهاجمتهم وضربهم. هناك شيئان منخرطان هنا. الأول، عدم الاستماع لاعتذار الآخرين، أو مهاجمة الآخرين، الدافع لكليهما هو بالأساس الغضب. يشير الأول إلى الموقف الفعلي عندما نصيح في شخص ما أو نضربه، على سبيل المثال طفلنا المشاغب، إما أن يطلب هذا الشخص الصفح أو يطلب منا شخص آخر، مثل زوجتنا، ترجونا للتوقف ونحن نرفض.

والآخر ببساطة هو ضرب شخص ما. إنه عهد ثانوي للبوديساتفا برفض اعتذار الآخرين بعد الموقف، عندما يكون لدينا حقد. إذن هناك موقفان. شخص يطلب المسامحة، تعرفون "من فضلك توقف عن الصراخ بي"، بينما أنتم بالفعل تصرخون فيهم أو تضربونهم أو أن تكونوا في غاية السوء نحوهم بدافع من الغضب. لذا، بالتأكيد في هذا الوقت نحن بوديساتفات، حتى عندما نغضب. حيث يقول الشخص الآخر "من فضلك توقف، أنا آسف". بالتأكيد يجب أن نتوقف، ونسامحهم، وقبول اعتذارهم. برغم أن المسامحة مبدأ غريب جدًا، أليس كذلك؟ أنا لا اعتقد أن هذا مضبوط تمامًا -في الحقيقة لا استطيع حتى التفكير في كلمة تبتية مقابلة لكلمة "مسامحة". بالأساس، التوقف عن كونكم غاضبين والتوقف عن ضرب الشخص. كلمة "يسامح" تعمل كما لو كان لدينا القوة لإعفاء الشخص من تبعات الكارما لتصرفه، هذه ليست البوذية. إذن فالأمر وما فيه ببساطة التوقف عن كونكم غاضبين مني، والتوقف عن الصراخ بي وضربي، أو رفضي -في الموقف حيث تصرخون فعليًا...إلخ. 

العهد الثانوي يتعلق بالوقت اللاحق للموقف. نحن ما نزال غاضبين، أو نحمل ضغينة، وبعدها، لاحقًا، يقولون "أنا آسف". في هذا الوقت، عدم قبول الاعتذار أو التخلي عن غضبنا وضغينتنا. اعتقد أن الفرق هنا بين امتلاككم لغضب قوي والذي يدفعنا فعليًا للقيام بفعل هدَّام، مثل الصراخ في الشخص، أو ضربه، أو القيام بشيء سلبي نحوه، والموقف الثاني هو أن تكون لديكم ضغينة -الاحتفاظ بالغضب داخلكم، ولكن لا تتصرفون بدافع منه. هل هذا واضح؟ 

إذن بالتأكيد إذا رغبنا في مساعدة الآخرين، حتى إذا غضبنا بشكل مؤقت، علينا التخلي عنه، التخلي عن الغضب والضغينة. والجانب الآخر لهذا العهد هو تجنب ضرب الآخرين، وهذا هو ضربهم بدافع من الغضب. إذن من الممكن أن يكون هناك موقف يحتاج لضرب شخص ما، والذي قد يكون نافعًا، ولكن لا يتم بدافع من الغضب. بإمكاننا بالطبع استخدام مثال هندي: لجعل جاموس الماء يمشي ويذهب إلى مكان ما، قد تضطر إلى ضربه على ظهره. إذا قلت لجاموسك فقط، "من فضلك اذهب إلى هناك" في الأغلب لن يفهم. إذن هذا ليس ضرب جاموس الماء بدافع من الغضب. جاموس الماء هو نوع من الحيوانات تجدونها في كل مكان في الهند ونيبال. إنه ضخم للغاية، أكبر من البقرة. لونه أسود، لديه قرون، ويمنحون لبن غني للغاية. ربما لا يكون لديكم جاموس الماء، وقد لا تعرفون حتى ما هو جاموس الماء، ومعظمنا قد لا يكون لديه جاموس ماء أو حتى حصان أو جمل قد تحتاجون لضربه ليتحرك. لكن أحيانًا مع طفل مشاغب للغاية، إذا كان الطفل على وشك الركض إلى الشارع في الطريق، وهناك خطر من أن يُقتل الطفل أو تصدمه سيارة، في بعض الأحيان يتعين علينا استخدام وسائل عنيفة جدًا للإمساك به، أو ضربهم كي لا يذهبوا إلى الطريق. لم يتم ذلك بدافع الغضب. لذلك، مرة أخرى، تأثير الأفعال المختلفة يتأثر إلى حد كبير بالدوافع؛ وهنا الدافع هو الغضب أو سوء النية. نريد أن نؤذي الشخص الآخر. وإذا قال الشخص في مثل هذا الوقت، "أرجوك لا تفعل ذلك، أرجوك توقف" ونرفض، فهذا يُعد انتهاكًا لهذا العهد. هذا هو العهد الثالث للبوديساتفا.