تدريب الذهن على النطاقان الأوسط والمتقدم للمسار المُتدرج اللام-ريم

إعادة التأكيد على دافعنا ومراجعة

أنظروا لجميع من حولكم، قريبين كانوا أم بعيدين، أغنياء أو فقراء، جميعنا متساوون في رغبتنا في تحقيق السعادة والتخلص من المعاناة. الطريقة الأفضل لتحقيق ذلك هو بالتدرب على الدارما. لدينا أجسادًا بشرية معززًة بالكامل، قابلنا التعاليم الكاملة للالتزام الذاتي الأخلاقي، الماهايانا، والتانترا، وبالمثل المعلمين المؤهلين بشكل جيد. لذا، نحتاج لأن نولد بداخلنا كامل دافع الماهايانا بإزالة جميع المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة، تحقيق كل الخصال الجيدة وأن نصل للاستنارة.

النقطة الأساسية أن ننمي قلبًا طيبًا دافئًا. هذا هو مصدر كل السعادة لأنفسنا وللآخرين، بكل من نوعيها الظاهري والمطلق. فهذا هو جذر عزم البوديتشيتا، والذي سيجلبنا للاستنارة وبالتالي القدرة على جلب السعادة للجميع. لذا، بقدر ما نستطيع، نحتاج لأن ننمي قلبًا طيبًا.

لا تكتفوا فقط بترديد كلمات مثل "ليتني أنمي قلبًا دافئًا." ما نحتاج أن نقوم به هو أن نتدرب حقًا على مراحل تحقيق هذا. نحتاج لأن نعرف الأداة ومن ثم نضعها موضع التدرب. كامل تعاليم الدارما موجودة في المائة مجلد من "كانغيور" (كلمات بوذا) والمائتي مجلد من "تينغيور" (شروح المعلمين الهنود). المعلم الرئيسي الذي جلب كامل اللام-ريم المسار المتدرج لتدريب الذهن وتنقية مواقفنا الداخلية للتبت هو آتيشا. في كتابه "مصباح لمسار الاستنارة" هو المصدر الأساسي لهذا النص، تدريبات البوديساتفا السبع وثلاثون . وحيث أن هذا النص يعتبر قصير ويسهل فهمه، علينا أن نحفظه ونردده دائمًا، التفكير في معانيه، ووضعه موضع التدريب.

الآن استمعوا لبقية تعاليم هذا النص. أولًا، نحتاج لأن ندرك لأي درجة جسدنا البشري ثمين والتفكير في كيفية الاستفادة من الراحات والمُغنيات التي يوفرها هذا الجسد. وحيث إنه من المؤكد أننا سنموت وسنفقدهم يومًا ما، نحتاج لأن نهجر هوسنا بهذه الحياة وفي النهاية نهجر هوسنا بالحيوات المستقبلية كذلك.

لنقوم بهذا علينا في البداية أن نفكر في الموت وعدم الدوام، وأنه عند موتنا من الممكن أن نولد في أحد حالات إعادة الميلاد الأسوأ. نحن لا يمكننا رؤية الكائنات العالقة بالعوالم التعيسة (الجحيم) أو الأشباح المتشبثة (الأشباح الجائعة)، لكننا نعرف عن الحيوانات ومعاناتهم. نرى كيف يتم إساءة معاملتهم، ضربهم، استغلالهم في الأعمال الشاقة، استخدامهم بوحشية في الاختبارات الطبية، يضحى بهم لأجل لحومهم، وخلافه. في البوذية، نحتاج لأن ننمي الطيبة تجاههم. في ديانات أخرى، يشعرون أن قتل حيوان لا يختلف كثيرًا عن قطع شجرة، أو قطف الخضروات. لكن في البوذية، هذا يختلف. نحن في الحقيقة ننظر إلى معاناة الحيوانات ونأخذها على محمل الجد، بالنظر إلى كيف يسهل جدًا إعادة ميلادنا على هيئة أحدهم.

بوذا كامل الاستنارة علَّم مسار كيفية تفادي إعادة الميلاد كحيوان. فقد علم مسار السبب والنتيجة السلوكي، ما الأفعال التي نتركها وما الأفعال التي نتبناها. نحتاج لأن نحاول التعلُم بقدر ما نستطيع من تعاليم بوذا المتقنة، لأنهم دون أي خطاء ويوفرون اتجاهًا آمنًا وسليمًا تمامًا في الحياة. كما ذكرنا بالأمس، بوذا، دارما والسانغا هم جواهر الاتجاه الآمن الثلاث في الحياة. فقط أولئك الثلاثة يوفرون ما لن يفشل أبدًا:أمانًا، حماية، وتوجهًا مستقرًا في الحياة. على الرغم من إنه ليس هناك حطأ في اللجوء للآلهة الدنيوية للمساعدة كأصدقاء، لكنه من غير الملائم أن نسعى للملجأ المطلق لديهم.

أنظروا للرهبان في الأديرة بتايلاند وبورما؛ هم جيدون للغاية. بمعابدهم، ينحنون للأرض احترامًا فقط لبوذا شاكياموني ولا أحد غيره. في المعابد التبتية، قد تكون لدينا صورًا لبوذا شاكياموني، لكن هناك أيضًا العديد من الحماة غريبي الشكل وما شابهم. في اليابان، هناك فقط صورة المعلم الأساسي وتقريبًا لا أحد ينحني للأرض أحترامًا لشاكياموني بوذا. بالطبع، في الحقيقة بوذا لا ينفصل عن المعلمين ويظهر بهيئات عديدة، لكن هذا أمر مختلف. الأمر هو أن من علينا أن نتوجه إليه في الأساس لأجل الإلهام والتأثير المستنير هو بوذا شكياموني. غالبًا ما ينتقدنا الآخرون ويقولون أننا التبتيين نسينا بوذا وفقط نقرع الطبول أمام صور الحماة. هناك خطرًا كبيرًا في هذا. لذا، كونوا حذرين. لكن، هذا كافي عن هذه النقطة.

فيما يتعلق بجوهرة السانغا، التدرب في تايلاند وبورما جيد للغاية. الرهبان يعاملون هناك باحترام كبير ويُدعمون من أفراد المجتمع ويعطونهم الصدقات. هذا جيد للغاية. عادة، يشعر الناس في الحقيقة أن هناك جوهرتين للاتجاه الآمن فقط : بوذا والدارما، وأن السانغا غير هامة. يفكرون أننا يمكننا أن نتجاهلهم. ليس هناك داعي لأن يصبح الجميع رهبان وراهبات، لكن نحتاج أن نتفحص موقفنا الذهني، وإذا وجدنا أن هذا يناسبنا، فأن نصبح رهبانًا أو راهبات سيكون أفضل. لكن، على الأقل لا تنتقد الرهبان والراهبات. نحتاج لأن نتفحص وننتقد أنفسنا فقط. السانغا غاية في الأهمية لضرب المثال الذي يرمز لتعاليم بوذا. نحتاج أن نكون حذرين للغاية للكارما الخاصة بما نقوله وما نقوم به.

الامتناع عن الأفعال الهدامة

(٨) تدريب البوديساتفا ألا يرتكب أبدًا أي من الأفعال السلبية، حتى ولو كان الثمن حياتهم، لأن المعلم كامل القدرة أعلن إنه يصعب للغاية تحمل معاناة حالات إعادة الميلاد الأسوأ والتي هي نتيجة الأفعال السلبية.

بلغة بسيطة، إذا فعلنا ما هو جيد، سيأتي الجيد منه، وإذا فعلنا ما هو سيء، السيئ سيأتي منه. ببساطة شديدة. الأثر يتبع ذات طبيعة السبب. وهذا لا يُخطئ أبدًا، علاوة على ذلك، من سبب صغير قد نختبر نتائج هائلة.

وفي الدول أيضًا، أي ظروف مريعة تحدث ناتجة عن قوى سلبية تم بنائها من أفعال الماضي الهدامة. في التبت على سبيل المثال، لدينا جفاف؛ تهلك المحاصيل؛ أحيانًا كانت هناك حروب، أكثر من أحتلال، وما شابه. كل هذا نتيجة أفعال الماضي الهدامة ونقص قوانا الإيجابية. إذا لم يكن لدينا أي قوة إيجابية تم بنائها من الأفعال الإيجابية بالماضي، عندها مهما فعلنا، لن نستطيع جلب ظروفًا إيجابية. لذا، نحتاج دائمًا أن نتمنى للآخرين السعادة. مثل ما يتعلق بالصين، لا يمكننا إلا أن نتمنى لهم ما هو جيد. لا ينبغِ أن نتمنى أن يصيبهم ما هو سيء. ما يختبرونه سيكون نتاج أفعالهم.

ينتج السلوك الهدام من المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة، وبالتصرف بهذه الطريقة، نقوم ببناء قوة سلبية، والتي لن تجلب لنا سوى المعاناة. الأفعال الهدامة يمكن أن تكون للجسد، الحديث، أو الذهن. مثال لأحد أفعال الجسد سيكون، على سبيل المثال، القتل، وهو أخذ حياة أي شيء من الإنسان حتى الحشرة. إنه من السلبي للغاية أن نقتل، لذا نحتاج أن نمنع أنفسنا بقدر الإمكان عن ذلك.

لكل الكائنات ذات الحق في الحياة وأن نقدر حياتهم كما نقدر حياتنا. إذا أذينا أيدينا بشوكة، سنقول، "هذا مؤلم، لقد تأذيت" الجميع سيشعر بالمثل بالضبط، جميع الكائنات. وإنه لأمر غاية في الفظاعة التضحية بالحيوانات؛ لا يزالون يقومون بهذا في بعض الأماكن. في الماضي، قاموا بهذا في كيناور، سبيتي، وبعض الأماكن في نيبال، وحتى في بعض المناطق في التبت. بشكل سطحي، هؤلاء من يتخذون ملجأ بي، الدالاي لاما، ثم يضحون بالحيوانات. هذا سيئ للغاية. يرددون مانترا الشفقة "أوم ماني بادمي هوم" وبعدها يقومون بالتضحية، هذا لا يصح أبدًا.

التالي هو السرقة. هذا أيضًا سلبي للغاية. السلوك الجنسي غير الملائم أن تمارس الجنس مع شريك شخص آخر، أو مع شخص لديه علاقة بشخص آخر، ولا ترى أن هناك شيء خطأ في هذا. عندما ننظر للأدبيات التاريخية، معظم النزاعات المختلفة والقتال في العائلات الملكية جاء من السلوك الجنسي غير اللائق. هذا هدام للغاية.

التالي هو الكذب. وهذا أيضًا سلبي للغاية. بالطبع، أن تكذب لحماية حياة شخصًا ما شيء مختلف، لكن نحتاج دائمًا أن نكون أمناء. إذا كذبت، فهذا سيجلب التعاسة. نكون في خوف أن شخصًا ما سيكشف كذبنا. وهذا دائمًا ما يجعل الذهن غير مستريح، أليس كذلك؟

التالي هو الحديث المؤدي للشقاق، والذي يجعل الآخرين أن يختصموا ويتباعدوا. نسمع أشياء سيئة عن شخصًا ما ثم نقوم بنشرها؛ هذا هدام للغاية. نحتاج أن نحاول أن نجمع الآخرين سويًا. عندما يعيش الناس ويعملوا سويًا، تناغمهم يعتمد على الثقة المتبادلة. عندما ننظر للصين، على سبيل المثال، يتحدثون للجميع كما لو إنهم رفاقهم، لكن هذا فقط على طاولة المناقشات. بالخارج، لن يشاركوا حتى قطعة من الصابون مع بعضهم. هذا لأنهم ليس لديهم ثقة؛ لا يثق أحدهم بالآخر. وهذا ينبع من التسبب في الشقاق بين الآخرين. لذا، لا تستخدموا أبدًا اللغة المثيرة للشقاق.

التالي هو اللغة المسيئة، إطلاق أسماء سيئة على الآخرين "شحاذ" وما شابه. هذا يؤذي مشاعرهم: هذا لا يجلب السعادة. النميمة نوع من أنواع الثرثرة، دائمًا التحدث بأشياء عديمة المعنى؛ إنه مضيعة تامه للوقت.

ثم هناك التفكير الجَشِع. شخصًا لديه شيئًا لطيفًا، والذي نرغب في الحصول عليه، ونوجه كل أنتباهنا لهذا الشيء ونتمنى فقط الحصول عليه. إذا لم نكن حذرين، فسنسير مباشرة لنصطدم بالحائط!

التفكير الحاقد هو التالي. هذا أيضًا سلبي. هذا فقط يجعلنا غير سعداء. عادة هذا لا يؤذي الشخص الآخر؛ إنه يؤذينا نحن فقط. إنه لشيء شديد التدمير أن نتمسك بالضغينة وأن نتمنى السوء للآخرين. لا يمكننا حل المشاكل بالتمسك بالضغينة. المشاكل يمكن فقط حلها عبر الشفقة، الحب، والصبر؛ لذا لا تضمرون أبدًا السوء. أخيرًا التفكير المشوه المعادي: إنكار ما هو موجود أو ما هو حقيقي، أو اختلاق شيء غير موجود أو غير حقيقي.

هؤلاء العشرة، من أخذ الحياة إلى التفكير المشوه المعادي، هم الأفعال العشرة الهدامة. نحتاج أن ندرك مساوئهم والامتناع عنهم. التدريب الفعلي هو، من رؤية عيوبهم، إلى منع أنفسنا عنهم، بالجهد الواعي والمثابرة بفرح، عن القتل، الكذب وما تبعهم. حتى إذا لم نستطع الامتناع بالكامل، نحتاج لأن نحاول أن نقلل منهم بقدر الإمكان. هذا ما يتبع اتخاذ اتجاه آمن.

الآن تأتي التعاليم عندما يكون لدينا نطاق الدافع الأوسط أو المتوسط.

العمل من أجل التحرر

(٩) تدريب البوديساتفا بأن يهتم بشدة بحالة التحرر السامية غير المتغيرة أبدًا، حيث أن ملذات عوالم الوجود القهري الثلاثة ليست إلا مظاهر تفنى في لحظة، مثل الندى على العشب.

بغض النظر عن مكان ميلادنا بالعوالم الثلاثة للوجود القهري، فهو ليس إلا كوجودنا بطابق مختلف من مبنى مشتعل. المعاناة بكل مكان، لذا نحتاج، بكل السبل، أن نحقق التحرر من هذه المعاناة. السامسارا، الوجود المتكرر غير المتحكم به، يشير إلى معاناة التجمعات، ممتزج بالارتباك، والذي نتلقاه من الكارما والمشاعر والمواقف الداخلية المزعجة. نحتاج أن نفكر في هذا. على الرغم من أن لدينا الحياة البشرية الثمينة، إلا إننا إذا كنا تحت قوة الكارما والمشاعر المزعجة وليس لدينا استقلال، يمكننا فقط خلق المزيد من المعاناة. لذا، نحتاج لأن نحاول أن نحرر أنفسنا من تلك الأعراض المتكررة. أي ما كانت المتع الدنيوية التي لدينا فهي ليست مطلقة. إنها مجرد متع سطحية مؤقتة. يمكننا أن نسقط في إعادة الميلاد الأسوأ في أي وقت.

إذا كانت معاناتنا تأتي من تجمعات ملكاتنا الجسدية والذهنية، والتي تحت تأثير قوة الكارما والمشاعر المزعجة، عندها أي يمكننا الهرب من تجمعاتنا الملوثة بالارتباك؟ فكروا في هذا. إذا كانت تجمعاتنا ذاتها من طبيعة المعاناة، فكيف يمكننا الهرب منها؟

مصدر المعاناة هو مشاعرنا ومواقفنا الداخلية المزعجة، الأساسيين منهم هم التعلق والكراهية. ينبع الاثنين من عدم الوعي (الجهل)، عدم الوعي بالتمسك بالوجود الأصيل، وهذه رؤية مشوهة. على الجانب الآخر، غرز المضاد لعدم الوعي هذا، أي الرؤية المعاكسة، سنجد أن هذا الوجود الأصيل غير موجود إطلاقًا، وبتعويد أنفسنا على هذه الرؤية، وكلما عودنا أنفسنا أكثر على الرؤية الصحيحة، كلما قل عدم وعينا.

ملوثات عدم الوعي عابرة؛ يمكن إزالتهم. عدم وعي التمسك بالوجود الأصيل وفهم انعدام الوجود الأصيل كلاهما موجهان لذات الشيء. لذا، عندما يكون لدينا أحدهم، لا يمكن أن يكون لدينا الآخر في ذات الوقت. بهذه الطريقة يعمل الوعي التمييزي أو حكمة الخلو كمضاد لعدم الوعي. بهذا الوعي التمييزي، نخلص أنفسنا من التعلق والكراهية وبالتالي نحقق التحرر من المعاناة.

يقول البعض أن التعلق والكراهية أو العداوة أشياء طبيعية: إنهم جزء من طبيعة الذهن. يقولون أنهم جزء من طبيعة الذهن. يقولون أنه تقريبًا كما لو أن الشخص غير حي، إذا لم يكن لديه أو لديها مثل تلك المشاعر. لكن، إذا كانت تلك المشاعر جزء من طبيعة الذهن، عندها كما في حالة قبولنا أن طبيعة الذهن والتي ليست إلا الوعي والوضوح، مشاعر التعلق والعداء هذه يجب أن تكون حاضرة طوال الوقت. لكن، نرى أن الغضب يهدأ، إنه لا يدوم للأبد. ومن ثم، فمن الخطأ أن نشعر إن تلك المشاعر جزءًا طبيعيًا من الحياة، وأن طبيعة الذهن أن يكون به التعلق والكراهية.

إذن نحن نحتاج الوعي التمييزي لأجل أن نرى الحقيقتين: من المنظور الأعمق، الكل خالي من الوجود الأصيل، وحتى على مستوى الحقيقة المألوفة، فالنشأة الاعتمادية لن تُخطأ في تفسير ذلك قط . هذا هو التدريب على الوعي التمييزي الأعلى، ولأجل تحقيقه، نحتاج لأن نتدرب على التركيز الأعلى كأساس له، حتى لا يكون لدينا أي تشتت ذهني أو ما شابهه. لأجل هذا، نحتاج لأن نتدرب على الالتزام الذاتي الأخلاقي الأعلى، سواء على مستوى الرهبان والراهبات أو على مستوى أرباب المنازل. على سبيل المثال، هناك عهود رب المنزل، العهود الخمسة لغير الرهبان، ومن الهام على الأقل المحافظة عليهم. ومن ثم، نحتاج لأن نتدرب على التدريبات الثلاثة الأعلى.

التالي هي التعاليم عندما يكون لدينا النطاق المتقدم للدافع.

تنمية هدف البوديشيتا

(١٠) تدريب البوديساتفا هو بتنمية هدف البوديتشيتا لتحرير الكائنات المحدودة، لإنه إذا كانت أمهاتنا اللواتي كنَّ طيبات معنا من زمن اللابداية، يعانين، فماذا يمكننا أن نفعل بسعادتنا نحن (فقط)؟

جميع الكائنات المحدودة، المنتشرين باتساع الفضاء، يتمنون السعادة ولا يتمنون المعاناة، كما نفعل نحن. هم كثيري العدد جدًا، إذا تجاهلناهم وفكرنا فقط في أهدافنا، فكم سيكون هذا مثيرًا للشفقة، ناهيك عن كونه غير عادل . نحتاج أن نضع أنفسنا بجانب وجميع الكائنات الأخرى على الجانب الآخر. جميعنا نتمنى السعادة وليس التعاسة؛ الفرق الوحيد أننا مجرد شخص واحد وهم غير قابلين للحصر. لذا فمن يمكن أن يرى أن ذلك عادلًا أو منطقيًا أن نفضل شخصًا واحدًا على الآخرين جميعًا؟

يعمل البوديساتفات ويتمنوا فقط ما فيه سعادة الآخرين. وبالطبع، ليس هناك داعي لذكر تحقيقهم للاستنارة، لكن بجانب هذا، بينما هم على المسار لا يصبحون تعساء. كلما عملوا أكثر لنفع الآخرين وتجاهلوا أنفسهم أكثر، كلما كانوا أكثر سعادة، مما يشجعهم على العمل بطاقة أكثر. لكن إذا عملنا فقط لتحقيق أغراضنا وتجاهلنا الآخرين، كل ما سنحصل عليه هو التعاسة، عدم الرضا، وفتور الهمة. من الطريف أن الأمر على هذا النحو. لذا نحتاج أن نحاول بقدر الإمكان التقليل من أنانيتنا وزيادة اهتمامنا بالآخرين، ومن خلال قيامنا بهذا، سنجد، كتبعات لذلك ، أننا سنصبح أشخاصًا أكثر سعادة.

إذا كنا فقط تعمل لأجل الآخرين، كما وصف في كتاب الانخراط بسلوك البوديساتفا، فلن نكون أبدًا خائفين أين أو ما هي الظروف التي سيُعاد ميلادنا بها. أينما وجدنا أنفسنا، سنعمل لأجل نفع الآخرين. أكد نغارجونا على ذات النقطة بكتابه "الإكليل الثمين". العمل فقط من أجل صالح الآخرين وتجاهل أهدافنا هي الطريق لتحقيق الاستنارة.

نقول أننا متبعين الماهايانا، لكن كما قال تسونغابا، نحتاج لأن يكون لدينا شخصية الماهايانا لأجل أن نعتبر من متبعي الماهايانا. لذا، نحتاج لأن نعمل لصالح الآخرين. إذا نظرنا حولنا لطرق مساعدة الآخرين ونمينا غاية البوديتشيتا، وعندها وبشكل تلقائي ستعمل كل الأشياء لأجل نفع الجميع. لذا بقدر الإمكان، نحتاج لأن نتبع تدريب الماهايانا. هل تفهمون؟

الآن ما معنى البوديساتفا؟ بشكل مماثل لما أوضحته عن كلمة بوذا، الشق الأول "بودي" يعني إزالة الأخطاء، بينما الشق الثاني، "ساتفا"، يعني حيازة جميع الخصال الجيدة. وفي الحقيقة هناك أثنين "بودي" أو حالتي التطهُر وما يشار له هنا هي الحالة الأقل للآرهات، لكن الحالة الأعلى هي لاستناره بوذا. “ساتفا" تعني مَن ذهنه أو ذهنها موجه لتحقيق حالة التطهر الأعلى للبودي، الاستنارة، لأجل نفع الآخرين.

من ثم، نحتاج الهدفين سويًا، نحتاج لأن نهدف للكائنات المحدودة لأجل نفعهم وأن نهدف للاستنارة لأن نكون قادرين على تحقيق ذلك. هذه هي غاية البوديتشيتا وهذا ما نحتاج لأن ننميه. كيف نقوم بهذا؟

استبدال الذات بالآخرين

(١١) تدريب البوديساتفا أن نستبدل سعادتنا الشخصية الخالصة بمعاناة الآخرين، لأن (كل) معانتنا، دون أي استثناء، تأتي من الرغبة في السعادة الشخصية، بينما تولد الاستنارة الكاملة من الموقف الداخلي الخاص بتمني الخير للآخرين.

كيف تنبع كل المعاناة من تمنينا لسعادتنا فقط؟ مثل هذه الأمنية المتمركزة حول الذات تقودنا لارتكاب العديد من الأفعال الهدامة من أجل تحقيق هدفنا الأناني، وكنتيجة لهذا، نختبر المعاناة. على الجانب الآخر، الاستنارة، تأتي من مساعدة الآخرين. لذا، نحتاج لأن نستبدل موقفنا الداخلي، وبدلًا من تمني سعادتنا الشخصية وتجاهل معاناة الآخرين، نحتاج لأن نتمنى السعادة للآخرين ونتجاهل أنفسنا.

لنقوم بهذا، نتدرب على تدريب يُعرف باسم "الأخذ والعطاء"، أي أخذ معاناة الآخرين وإعطائهم سعادتنا. لمساعدنا على القيام بذلك، هناك تخيل جيد ومفيد للغاية. نحتاج لأن نتخيل أنفسنا بهيئتنا العادية، نقف على اليمين بكل أنانيتنا ورغبتنا في سعادتنا الشخصية. وعلى اليسار، نتخيل عددًا لا نهائي من الكائنات يرغبون جميعهم في السعادة. ثم، نحتاج لأن نتخيل في أذهاننا كما لو إننا نتراجع للخلف لنرى المشهد بالكامل، ثم اسأل نفسك كشاهد أو كقاضي، "مَن الأكثر أهمية، هذا الشخص الأناني أو جميع الآخرين؟" فكروا بأي جانب ستفضلون وسترغبون في أن تنحازوا إليه – جانب الشخص الأناني أم كل هذه الكائنات البائسة، والتي تستحق السعادة بالتساوي؟ مثل هذا التدرب وتدريبات التأمل الأخرى الموجودة في "الانخراط بسلوك البوديساتفا" مفيدة للغاية.

سلوك البوديستفا: التعامل مع الأذى

(١٢) تدريب البوديستفا هو، حتى إذا قام شخصًا ما تحت تأثير الرغبة بسرقتنا أو جعل الآخرين يسرقون ثروتنا بأكملها، نهب له أجسادنا، مواردنا، وأفعالنا البناءة بالأزمنة الثلاثة.

على الرغم من أننا الآن وقد نمينا رغبة البوديتشيتا. ، فحتى نُحقق الاستنارة، نحتاج لأن ننخرط في سلوك البوديساتفا. إذا قام أحدهم بسرقتنا، هناك خطر أن نصبح غاضبين. لكن، إذا كنَّا نتدرب لأجل تحقيق الاستنارة وتخلينا عن كل شيء للآخرين، عندها فمَن ندعوه باللص هو بالفعل يمتلك ممتلكاتنا السابقة. لقد أخذهم الآن لأنهم في الحقيقة هم بالفعل ملكًا له. لذا، نحتاج لأن نهب له ليس فقط هذه الممتلكات التي أخذها، أو التي نعتقد إنه سرقها منا، لكن ما هو أكثر من هذا، أجسادنا وأفعالنا البناءة بالأزمنة الثلاثة.

(١٣) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا لم نرتكب أدنى خطأ، وهناك شخصًا سيقطع رأسنا، أن نقبل على أنفسنا عواقبه السلبية، عبر قوة الشفقة.

إذا أذانا الآخرين، نحتاج أن تكون لدينا شفقة تجاههم وأن نقبل على أنفسنا كل أذاهم.

(١٤) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا قام أحدهم بالتشهير بنا بآلاف، ملايين، مليارات العوالم بكل الأشياء غير السارة عنَّا، أن نتحدث في المقابل عن خصاله الجيدة، بحب.

عندما يسيء إلينا الآخرون أو يقولون أشياء سيئة عنا، نحتاج أن نتوقف عن قول الأشياء السيئة عنهم. لا ترد أبدًا بشيئًا سيئًا، تحدث فقط معهم بلطف، كما أوضح شانتيديفا في "الانخراط بسلوك البوديساتفا".

(١٥) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا فضح أحدهم أخطائنا أو قال (عنا) كلمات كريهة في جمع من العديد من الكائنات الهائمة، أن ننحني له احترامًا،نصنفه بأذهاننا كمعلمنا الروحاني.

حتى إذا أهاننا الآخرون أو أحرجونا أمام الآخرين، نحتاج لأن نتصرف وفقًا لما يتم تعليمه في أدوات تنقية مواقفنا الداخلية (تدريب الذهن). إذا ألحق الآخرون بنا العار أو فضحوا أخطائنا، في الحقيقة هم معلمينا. من ثم، نحتاج لأن نشكرهم لجعلنا واعيين بنقائصنا وأن نظهر لهم احترامًا شديدًا.

(١٦) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا قام شخصًا نعتني به، ونعزه مثل طفلنا، واعتبارنا من أعدائه، أن نحمل عاطفة خاصة له، مثل الأم لأبنها المبتلى بالمرض.

إذا أصبح طفلًا سيء السلوك أثناء مرضه، مهما كان سيئًا، ستحبه أمه. هذه هي الطريقة التي نحتاج أن نرى بها جميع الكائنات.

(١٧) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا قام شخصًا ما، مساويًا لنا أو أدنى منا، بمعاملتنا بشكل مهين نتيجة لقوى تكبره، أن أدعوه، كعلامة على الاحترام، لقمة رأسي، مثل الغورو.

والمثل صحيح عندما يحاول الآخرون منافستنا. نحتاج لأن ننمي الصبر. كما قيل في "الانخراط بسلوك البوديساتفا،" إذا لم يكن لدينا أعداء، لن نستطع تنمية الصبر. من ثم، نحتاج لشخصًا مزعجًا لننمي تجاهه التحمل. لا يمكننا تنمية الصبر بأذهاننا موجهًا لمعلمنا أو لبوذا. نحتاج عدوًا لنوجهه له.

على سبيل المثال، مفكرًا بنفسي. إذا كتب أحدهم في أحد الصحف أو أطلق علي الدالاي لاما أنه لاجئ ضعيف أو ما شابه، إذا كنت أتدرب بإخلاص، فسأحاول تنمية الصبر تجاهه أو تجاهها. حيث أننا بحاجة لمعلم لمساعدتنا على التدرب على الصبر، العدو أو شخصًا يكرهنا مهمًا جدًا كالمعلم.إذا فكرنا أكثر بهذا الأمر، سنجد أن الأعداء غاية في الأهمية، أليس كذلك؟ إذا كنا نتدرب على الماهايانا، نحتاج لأن ننمي الصبر وأن نتحمل المواقف الصعبة. كيف يمكننا حقًا التدرب على الماهايانا دون الأعداء؟ باختصار، لاستبدال مواقفنا الداخلية تجاه أنفسنا والآخرين، نحتاج للكثير من التجارب والمحن، العديد من المواقف التي بها تحدي. لذا، الأعداء أو الأشخاص المزعجين والمسببين للصعوبات غاية في الأهمية وشديدي القيمة.

موقفان خطيران يتطلبان التدرب على الدارما

(١٨) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا كانت حياتنا معدمة ودائمًا ما يتم إهانتنا من الآخرين، أو مرضى بمرض عضال،أو مبتلون بأشباح، أن نقبل على أنفسنا هذا، بالمقابل، القوى السلبية والمعاناة لجميع الكائنات الهائمة وأن لا تفتر عزيمتنا.

هناك موقفين خطيرين على التدرب على الدارما. الأول هو عندما، كنتيجة لأسباب الماضي، نكون في ضيق صعب، فقر وما شابه. وعندها نفقد عزيمتنا. الآخر عندما نكون غاية في الثراء والراحة. عندها نصبح متكبرين ومغرورين.

نحتاج أن نكون حذرين في كلا الموقفين. إذا كنا شديدي المرض، على سبيل المثال، عندها إذا تدربنا على استبدال الذات مع الآخرين وأيضًا الأخذ والعطاء، سنصبح أكثر سعادة لأننا مرضى. في الحقيقة، سنتمنى أن نأخذ مرض ومعاناة الآخرين.

(١٩) تدريب البوديساتفا هو، حتى إذا تم مدحي بعذوبة، و أحنى لي العديد من الكائنات الهائمة رؤوسهم، أو حصلت على (ثروات) مماثلة لثروة ربة الثراء، برؤية الازدهار الدنيوي دون أي جوهر، فلن تغتر أبدًا.

هذا تطرف آخر، الموقف المحتمل الآخر الخطير. إذا كنا شديدي الاحترام وكل شيء يسير بشكل جيد، يمكننا أن نصبح متكبرين بسبب هذا، أن نصبح كسولين ومتعجرفين. حيث أن هذا سيعيق تدربنا، نحتاج لأن نرى أن مثل هذا الثراء الدنيوي ليس له أي جوهر على الإطلاق.

التغلب على العداء والتعلق

(٢٠) تدريب البوديساتفا هو بأن نروض أستمراريتنا الذهنية بالقوى المسلحة بالحب والشفقة، أننا، إذا لم نكبح العدو الذي هو عدائنا الداخلي، فعندها حتى إذا كبحنا عدونا الخارجي، فسيأتي بعده الكثيرين.

ليس هناك عدوًا أسوأ من الغضب. إذا نظرنا للعالم، على سبيل المثال الحرب العالمية الثانية، يمكننا أن نرى أن كل هذا حدث بسبب الغضب والكراهية. طوال هذا الوقت الدول الغربية وروسيا كانوا حلفاء وعلى الرغم من إنهم كسبوا الحرب، فإن هذا لم يقهر عدائهم الشخصي! وحيث إنهم للآن تُركوا مع هذا السم، نجد أن الاتحاد السوفيتي يتصارع مع الغرب كعدو. إذا حدثت حرب مرة أخرى في المستقبل، فستحدث مرة أخرى بسبب الغضب والكراهية. لكن، إذا تمنينا السلام والسعادة، هذا لن يحدث دون إزالة هذه المواقف الداخلية السلبية. السلام والسعادة سيأتون فقط إذا نمينا الحب والشفقة. لذا، نحتاج لأن نتدرب على الفنون القتالية للحب والشفقة للتغلب على الكراهية.

(٢١) تدريب البوديساتفا بالتخلي فورًا عن أي شيء يتسبب في زيادة التمسك والتعلق، فالأشياء المرغوبة مثل الماء المالح: كلما انغمسنا بها أكثر، كلما زاد عطشنا أكثر.

بغض النظر عما نحن منجذبون إليه، لن نرضى أبدًا به؛ لن نكتفي أبدًا. مثل شرب الماء المالح: لن نرتوي أبدًا، كما وصف في "الإكليل الثمين". فكروا في مثال: عندما يكون لدينا طفح جلدي (حكه). إذا قمنا بحكها، سنشعر بشعور لطيف. لكن، إذا تعلقنا بهذا الشعور اللطيف، عندها كلما قمنا بحكها أكثر، فهذا فقط سيجعلها أسوأ. ستلتهب، وتبدأ في نزيف، تصبح ملوثة، ويتدهور الأمر .أفضل طريقة لعلاج الطفح الجلدي من جذره، حتى لا تتملكنا الرغبة لأن نحكه.

تنمية البوديتشيتا الأعمق، إدراك الخلو

(٢٢) تدريب البوديساتفا هو بألا نعي بأذهاننا خصائص كلٍ من الشيء محل الإدراك والذهن الذي يدركه بأن لهم وجود أصيل بغض النظر عن كيفية ظهور الأشياء، فهذا فقط نتاج أذهاننا؛ والذهن ذاته، من البدء، منفصل عن كل تطرفات الاختلاق الذهني.

هذا البيت تبدوا صياغته مثل رؤية مدرسة سفاتانتريكا [الخصائص الأصيلة توجد وفقًا للحقيقة المألوفة، لكن تلك الخصائص لا توجد على الإطلاق من منظور الحقيقة الأعمق]، لكن هذا ليس الحال بالضرورة. عندما ذُكر في البيت الشعري أن المظاهر "نتاج أذهاننا،" هذا يعني تلاعب من أذهاننا بمعنى أن الكارما المتراكمة بأذهاننا هي التي تُنشئ كل هذه المظاهر. الذهن ذاته، من البداية، خالي من كل تطرفات الوجود الأصيل.

إذا فهمنا هذا، عندها لن نعي بأذهاننا أن "هذا" هو الوعي الذي يفهم الخلو و"هذا" هو الشيء محل هذا الوعي، أي الخلو. بدلًا من ذلك، فببساطة سنقوم بوضع أذهاننا في استغراق كامل على البطلان النقي للمُعرف ‎(نفي غير إثباتي) وهذا هو الخلو – الغياب المطلق لكل الطرق المستحيلة للوجود. هذا هو التدريب المبين هنا.

(٢٣) تدريب البوديساتفا هو، عندما نقابل شيئًا سارًا، ألا نعتبره موجودًا حقًا، حتى إذا ظهر جميلًا، مثل قوس قزح في الصيف، و(من ثم) نخلص أنفسنا من التمسك والتعلق.

على الرغم من أن الأشياء تبدوا جميلة مثل قوس قزح، نحتاج لأن نرى أنها خالية من الوجود الأصيل وألا نتعلق بها.

(٢٤) تدريب البوديساتفا هو، عندما نقابل ظروفًا معاكسة أن نراها خادعة، لأن الكثير من المعاناة مثل موت طفلنا في الحلم وأن نأخذ (مثل) هذا المظهر الخادع على إنه حقيقة هو مضيعة مزعجة للوقت.

من ثم، نحتاج لأن نرى كل شيء كمظهر مُخادع وألا نحبط نتيجة الظروف الصعبة. هذه هي التعاليم الخاصة بتنمية البوديتشيتا الشائعة والأعمق. التالي هو التدريب على المواقف الداخلية الستة بعيدة المنال (الاكتمالات الستة).

المواقف الداخلية الستة بعيدة المنال

(٢٥) تدريب البوديساتفا هو أن يعطي بكرم دون أي توقع لأي شيء في المقابل أو إثمار لاحق للكارما لأن، إذا كان هؤلاء الذي يأملون في تحقيق الاستنارة يجب عليهم أن يعطوا كل شيء حتى أجسادهم، فما الداعي لذكر الممتلكات المادية؟

هذا هو التدرب على الكرم بعيد المنال.

(٢٦) تدريب البوديساتفا هو أن يحمي الالتزام الذاتي الأخلاقي بعيدًا عن المقاصد الدنيوية، لأنه، إذا لم نكن نستطع تحقيق غايتنا دون الالتزام الأخلاقي، فإن أمنية تحقيق غايات الآخرين مجرد مزحه.

أن يكون لدينا التزام ذاتي أخلاقي هو أمر شديد الأهمية، وخاصة إلتزام الامتناع عن الأفعال الهدامة. فبدونه، كيف يمكننا مساعدة أي شخص؟

(٢٧) تدريب البوديساتفا هو أن ننمي عادة الصبر، دون عداء أو نفور من أي شخص، لأنه بالنسبة للبوديساتفا الذي يأمل في ثروة من القوى الإيجابية، كل هؤلاء من يسببون الأذى مساوون لكنوز من الجواهر الثمينة.

نحتاج الكثير من الصبر. للبوديساتفا الذي يأمل في تنمية القوة الإيجابية ليكون قادرًا على تحقيق الاستنارة، هؤلاء من يسببون الأذى، أعدائنا، مثل الجواهر الثمينة. هذا لأنه معهم يمكننا التدرب على الصبر. هذا يبني ويقوي شبكة القوى الإيجابية، والتي ستؤدي بنا لتحقيق الاستنارة.

(٢٨) تدريب البوديساتفا هو ممارسة المثابرة بفرح، مصدر جميع الخصال الجيدة لغايات جميع الكائنات الهائمة، حيث إننا نرى أنه حتى متدربي الشرافاكا والبراتياكابودا، الذي سيحققون فقط غايتهم الشخصية، لديهم مثل تلك المثابرة مثلما يُطفئون نارًا اشتعلت برؤوسهم.

هذا البيت يشير إلى ممارسة المثابرة بفرح بحيوية مستمتعة بالسلوك البناء. إذا كان متدربو الهينايانا يمكنهم العمل بكل كد لأجل تحقيق أهدافهم الشخصية، لذا فنحن كمتدربين للماهايانا نعمل لأجل نفع الجميع نحتاج لأن نعمل حتى بكد أكثر.

(٢٩) تدريب البوديساتفا هو ببناء عادة الثبات الذهني المتجاوز بنقاء (للاستغراقات) الأربعة منعدمة الهيئة، عبر إدراك حالة ذهنية استثنائية البصيرة، المعززة بالكامل بحالة السكون والثبات، يمكنها التغلب بالكامل على المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة.

تشير هذه الأبيات إلى الموقف الداخلي بعيد المنال الخاص بالثبات الذهني (التركيز) في سياق السوترا. وهكذا، لإدراك الحالة الذهنية استثنائية البصيرة الخاصة بالفيباشيانا (البصيرة الاستثنائية)، نحتاج قبل هذا لبلوغ حالة السكون والثبات الشاماتا (الهدوء الذهني، الثبات الهادئ) لنتمكن من السيطرة عليها. عندها سنحصل على الزوجين المتصلين، شاماتا وفيباشيانا غير القابلين للفصل بينهما.

(٣٠ ) تدريب البوديساتفا هو بناء عادة الوعي التميزي والذي مع الأدوات خالي من مفاهيم الدوائر الثلاثة لإنه دون الوعي التمييزي فإن المواقف الداخلية الخمس الأخرى بعيدة المنال لا يمكنها تحقيق الاستنارة الكاملة.

لا يمكننا تحقيق الاستنارة فقط باستخدام الأدوات، أي المواقف الداخلية الخمس الأولى بعيدة المنال. نحتاج للحكمة بجانبهم. ومن ثم، نحتاج لأن نغرز بأذهاننا الأداة والحكمة غير المنفصلان. نحتاج الوعي التمييزي لرؤية أن الدوائر الثلاث لأي فعل بَنَّاء قائم على تلك المواقف الداخلية بعيدة المنال – أي، الفاعل، الشيء، والفعل ذاته – تفتقر لأي وجود أصيل.

التالي يتعلق بالتدريبات اليومية للبود يستفا.

التدريبات اليومية للبوديساتفا

(٣١) تدريب البوديساتفا هو بالتفحص المستمر لخداع الذات والتخلص منه، لأننا إذا لم نتفحص خداعنا لأنفسنا، فمن الممكن بأفعالنا التي تظهر موافقة للدارما من الخارج أن نرتكب ما هو غير متوافق مع الدارما.

بعبارة أخرى، نحتاج دائمًا أن نتفقد مشاعرنا ومواقفنا الداخلية المزعجة كل يوم، لإنه كما ورد هنا، من الوارد جدًا أن تظهر أفعالنا من الخارج ملائمة لكن في الحقيقة هي ليست ملائمة على الإطلاق.

(٣٢) تدريب البوديساتفا هو بعدم التحدث عن أخطاء شخص آخر دخل إلى الماهايانا، لأننا إذا كنا تحت تأثير المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة، تحدثنا عن أخطاء الآخرين الذي هم بوديساتفات، سنفسد.

نحن بحاجة للتوقف عن النظر للآخرين بهدف الوقوف على أخطائهم. نحن لن نعرف أبدًا من هم الآخرين أو ما هي تحققاتهم. خاصة بين متدربي الماهايانا، نحتاج أن يكون لدينا فقط أفكار مساعدة ونفع الآخرين، وليس بكشف أخطائهم.

(٣٣) تدريب البوديساتفا بأن نخلص أنفسنا من التعلق لمن هم أقارب وأصدقاء ومنازل الرعاية، لإنه تحت تأثير قوة (الرغبة) في الكسب والاحترام، سنتصارع سويًا، وأنشطتنا الخاصة بالاستماع، التفكير، والتأمل ستنحدر.

هناك خطر كبير إذا لازمنا منازل الرعاة، الأقارب، ومن شابههم. سنصبح حتمًا متورطين في مواقف نقاشية، خلافية معقدة، وما شابهها. لذا، نحتاج لأن نتجنب التعلق بمثل تلك الأماكن.

(٣٤) تدريب البوديساتفا هو بأن نخلص أنفسنا من اللغة القاسية المثيرة لاستياء أذهان الآخرين، لأن الكلمات القاسية تزعج أذهان الآخرين وتتسبب في انحدار طرق سلوك البوديساتفا.

جذر الغضب هو التعلق لوجهة نظرنا. لكن هنا، الغضب ذاته هو ما يؤكد عليه، خاصة عندما يقودنا لاستخدام لغة مهينة. مثل تلك الكلمات القاسية تدمر قوتنا الإيجابية، تزعج الآخرين، وتؤذيهم.

(٣٥) تدريب البوديساتفا هو أن يكون لديك جنود اليقظة والتنبه ممسكين بالأسلحة المضادة ليدمروا بقوة المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة مثل التعلق وما شابهه، عند أول بادرة لظهورهم، لإننا عندما نتعود على المشاعر والمواقف الداخلية المزعجة، يكون من الصعب حينها على المضادات أن تُرجعهم.

بمجرد ظهور التعلق أو الكره، نحتاج على الفور إلى تطبيق اليقظة والتنبه لمواجهتهم.

(٣٦) باختصار، تدريب البوديساتفا هو (بالعمل على) تحقيق أغراض الآخرين عبر الحيازة المستمرة لليقظة والتنبه لمعرفة ما هي حالة أذهاننا، بغض النظر عن أين أو أي مسارًا نتخذه بسلوكنا.

كما ورد في "الانخراط بسلوك البوديساتفا،" نحتاج باستمرار لتفحص أذهاننا ومعرفة حالتها. عندها، مع وجود اليقظة، نحتاج لأن نستخدم فورًا المضادات المتعددة لأي مشاعر أو مواقف داخلية مزعجة قد تحضر بأذهاننا. على سبيل المثال، إذا كنا بقافلة متجهة إلى شمال هضبة التبت، سنكون في غاية اليقظة والتنبه لألا نهيم بأي مكان. سنختار بعناية المسار الصحيح؛ وإلا، بسهولة سنضيع. بذات الطريقة، نحتاج ألا نسمح لأذهاننا بأن تهيم في مكان.

(٣٧) تدريب البوديساتفا هو، مع الوعي التميزي للنقاء الكامل للدوائر الثلاث، أن نكرس للاستنارة القوة البناءة المُدركة عبر جهود مثل هذه، لأجل إزالة معاناة الكائنات الهائمة غير القابلة للحصر.

من ثم، التدريب الأخير للبوديساتفا المذكور هنا هو بأن نكرس للاستنارة ونفع الآخرين القوى الإيجابية لكل تلك الأفعال. بهذا ننهي الجزء الأساسي من النص. التالي، هو الجزء الثالث من مجمل النص، الخاتمة.

الخاتمة

بإتباع كلمات الكائنات المقدسة ومعاني ما تم التعريف به بالسوترا والتانترا، والأطروحات، قمت بترتيب تدريبات البوديساتفا (تلك)، سبع وثلاثون، لهؤلاء من يرغبون في التدرب على مسار البوديساتفا

حصل المؤلف على هذه التعاليم من مصادر متعددة وأختصرها هنا في هذه التدريبات السبع وثلاثين.

لضعف ذكائي وتعليمي الضئيل، قد لا تكون هذا النص بصياغة شعرية ترضي واسعي المعرفة. لكن باعتمادي على السوترات وكلمات المقدسين، أعتقد أن تدريبات البوديساتفا (تلك) غير مُضللة.

في الأبيات التالية يعتذر المؤلف إذا كان ارتكب أي أخطاء.

مع ذلك، حيث يصعب على شخصًا بليد البديهة مثلي إن سبر غور البحار العظيمة لسلوك البوديساتفا، أرجو الكائنات المقدسة أن تكون صبورة على أخطائي الكثيرة، مثل التناقضات، عدم وضوح الصلة، وما شابه.

ثم ينهي المؤلف النص بتكريس أخير.

عبر القوة الإيجابية الناتجة عن هذا، يت جميع الكائنات الهائمة، عبر البوديتشيتا الشائعة والأعمق الساميتين، أن يصبحوا مماثلين للحامي أفالوكيتشفارا، الذي لا يبقى بأي من التطرفين حالة الوجود القهري بالسامسارا أو حالة الاكتفاء بالذات بالنرفانا.

بهذا نختتم السبع وثلاثين تدريبًا للبوديساتفا من تأليف توغمي-زانغبو.

Top